كشف فريق من علماء الآثار والأكاديميين في علم الطب الشرعي وصناعة النماذج، الذين يعملون في الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، عن نجاحهم في إعادة بناء وجه امرأة من الحضارة النبطية للمرة الأولى في التاريخ. وأطلق الفريق اسم “هينات” على السيدة، التي يُعتقد أنها كانت تحظى بمكانة اجتماعية بارزة، حتى وفاتها حوالي القرن الأول قبل الميلاد، لتدفن بعدها لأكثر من ألفي عام في مقبرة ضمن منطقة الحِجر في المملكة العربية السعودية.
ويتيح مركز الاستقبال بمنطقة الحِجر، وهي أول موقع تراثي سعودي يدرج على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، الفرصة أمام الزوار لمشاهدة وجه السيدة النبطية بدءاً من يوم الإثنين 6 فبراير. وتتوقع الهيئة الملكية لمحافظة العلا مواصلة الاستكشافات التاريخية المهمة في المستقبل، بفضل الجهود غير المسبوقة التي يبذلها فريق علماء الآثار في محافظة العلا.
المصدر: الهيئة الملكية لمحافظة العلا
وأعلن الفريق عن اكتشاف الهيكل العظمي بحالة جيدة داخل مقبرة في نتوء جبلي على أطراف مدينة الحجر، تضم رفات حوالي 80 شخصاً تربطهم قرابة بحسب اعتقاد العلماء. ويتميز هيكل هينات العظمي بأنه الأكثر اكتمالاً بين معظم الهياكل الموجودة في المقبرة، ولذلك تم اختياره في عام 2019 لتنفيذ مشروع إعادة بناء الوجه؛ وتشير الأدلة إلى تمتع هينات بثروة ومكانة اجتماعية مرموقة قبل وفاتها في القرن الأول قبل الميلاد.
واستوطن النبطيون في منطقة الحجر في القرن الأول قبل الميلاد، بعد أن توسعوا من البتراء باتجاه الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية وصولاً إلى مناطق تمثل في وقتنا الحالي شمال غرب المملكة؛ حيث جمعوا ثرواتهم من تجارة اللبان والتوابل وغيرها من السلع الفاخرة. كما اشتهرت الحضارة النبطية على مر العصور ببناء المقابر الحديثة المنحوتة في منحدرات من الصخور الرملية في منطقة الحجر.
المصدر: الهيئة الملكية لمحافظة العلا
وعمل في مشروع إعادة بناء وجه هينات مجموعة من علماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا والأطباء الشرعيون المتخصصون في إعادة الترميم وغيرهم من خبراء النحت ثلاثي الأبعاد. واجتمع الفريق العلمي في لندن خلال سبتمبر 2019، حيث تمت مناقشة الشكل النهائي المتوقع لوجه هينات، إضافة إلى شكل الملابس التي يُعتقد أنها ارتدتها؛ ليقوم الفريق بعدها بإعداد ملف شخصي مع صور مرجعية مرفقة لملابسها وشعرها ومجوهراتها. وتم الانتهاء من عمليات إعادة الترميم الرقمية ثلاثية الأبعاد في يوليو 2020 بعد الحصول على موافقة الخبراء، الذين قرروا استبدال أقراطها لتتناسب مع شكل الأقراط المكتشفة في منطقة الحِجر. كما بدأت بعدها عملية صنع القوالب لتمثال نصفي من السيليكون لتشكيل وجه هينات. وزرع الخبراء خصلات شعرها بشكل تدريجي ودقيق خلال مراحل العمل النهائية، وقاموا بتطبيق المكياج على وجهها وألبسوها الأقراط وقماش كتان منسوج يدوياً ليتناسب مع الاجزاء التي تم انتشالها من المقابر في منطقة الحِجر.
المصدر: الهيئة الملكية لمحافظة العلا
المصدر: الهيئة الملكية لمحافظة العلا
