الرسامة ومبدعة الرسومات الهزلية والباحثة أجوان مانس تأتي بشخصيات سوداء تاريخية من الماضي وتضعها في الحاضر من خلال صور شخصية لها احتفاءً بيوم جونتينث
يتدفق نهر كومباهي إلى الجنوب الشرقي عبر ولاية كارولينا الجنوبية، ويبلغ طوله 40 ميلاً ويمتد ليصب في سانت هيلينا ساوند. منذ أكثر من قرن ونصف في الأول من يونيو عام 1863، قلبت قبيلة الكومباهي مسار التحرير عندما قادت هارييت توبمان وحشدها المكون من 150 قوة من اتحاد السود أكثر من 700 عبداً هارباً إلى الحرية على متن زورقين حربيين. بالنسبة لتوبمان فإن النهر يمثل بطولتها كونها أول امرأة تقود عملية عسكرية أمريكية مسلحة في غارة على عبارة كومباهي. بالنسبة للرسامة ومبدعة الرسومات الهزلية والباحثةأجوان مانس، فإن الحركة، التي امتدت جغرافياً بين الشمال والجنوب، والتي شملت سياسياً إعلان تحرير العبيد ويوم جونتينث وحتى قانون الحقوق المدنية، التي قامت بها توبمان ونشطاء آخرون عبر التاريخ هي رمزاً تاريخياً.
تقول مانس، مقارنة “توبمان” بالناشطة في مجال الحقوق المدنية “روزا باركس”: “لقد تحدى نشاطهم الأنظمة والسياسات السائدة التي وضعت قيوداً على حركة السود حول العالم. فهذه القيود المفروضة على حركة السود لم تمثل الأدوات العملية المستخدمة لقمعهم فحسب، بل مثلت أيضاً رموزاً تدل على سيطرة البيض على السود. وقد استخدمت هارييت توبمان الزحف التي قامت به من الجنوب إلى الشمال كأداة لتحرير السود الآخرين، بينما رفضت روزا باركس وصول السود المشروط إلى وسائل النقل. فنشاط هؤلاء النساء يدور حول استعادة السود لحقهم في التنقل بحرية في جميع أنحاء عالمهم.”
احتفاءً بيوم جونتينث، تعيد مانس مراجعة سلسلة من الرسومات الرقمية التي ابتكرتها على iPad Pro بعنوان “The Ancestors ‘Juneteenth”، والتي تضع فيها شخصيات سوداء تاريخية في أماكن من وقتنا الحالي لتعكس رحلة السود من القرن التاسع عشر إلى القرن الحادي والعشرين . في هذه الرسوم التوضيحية، ترسم مانس على الورق قبل أن تلتقط الصورة في Adobe Scan على جهاز iPad Pro الخاص بها. وفي Procreate وAdobe Photoshop وAdobe Fresco، تقوم بتلوين صورتها الممسوحة ضوئياً باللون الأزرق غير المصور، محاكية عملية إنشاء الرسوم الهزلية، وتستخدم Apple Pencil لإضافة طبقات من الألوان، وهو سير عمل قامت به سابقاً باستخدام طاولة إضاءة وأدوات تناظرية.
بصفتها فنانة تعمل غالباً على نطاق أوسع، تقدر مانس قدرتها على التكبير بالكامل على أي جزء صغير من اللوحة العملاقة على iPad Pro. حيث تقول: “يجعل كل من iPad وApple Pencil الرسم وإضافة الألوان والتأثيرات والتلاعب بها على مستويات الأجزاء الصغيرة سهلاً. فكلما نظر الناس بقرب أكثر، سيرون تفاصيل أكثر.”
وكجزء من سلسلة جونتينث، ترسم مانس باركس وتوبمان في نزهة على ضفاف نهر كومباهي. وتقول مانس: “لقد كانتا رائدتين وقد مثلت حرية التنقل بالنسبة لهم جزءاً كبيراً من تأثيرهم لدرجة أنهم يشغلون هذا الدور الأيقوني في أذهاننا. فإن المسيرة التي قامت بها روزا باركس، حيث تم اعتقالها، ومحاكمتها، كانت تمهيداً لنا اليوم لنعيش حياة تخلو من العقبات التي واجهتها خلال حياتها؛ وما قامت به هارييت توبمان، بالسير من الجنوب إلى الشمال 13 مرة على الأقل لمرافقة السود الآخرين إلى الحرية، يجعلهما تستحقان فعلاً قسطاً من الراحة. فأنا اعتقد أن كل ما قد يرغبون في فعله اليوم هو الجلوس على ضفاف النهر، ووضع أقدامهم فيه تاركين الماء يحمل العبئ عن أقدامهم.”
تصف مانس نفسها بأنها محققة في التاريخ، فهي مستعدة لتقضي ساعات في البحث في الأرشيفات، والبحث عن المجهول في تجربة السود في القرن التاسع عشر، حيث تبحث في المصادر الأولية والنصوص الدينية والصور والوثائق التاريخية الأخرى. وسواء أكانت تستعد لإلقاء محاضرة في كلية ميلز في أوكلاند، كاليفورنيا، حيث تدرس الأدب الأمريكي الأفريقي، أم تنوي عملاً فنياً جديداً، فإنها ستبدأ دائماً بالبحث لترسم في ذهنها صورة هؤلاء الناس والفترة الزمنية التي عاشوها.
بالنسبة إلى سلستها “The Ancestors’ Juneteenth”، التي تصفها على أنها عمل خيالي تأملي، تتخيل مانس أي من الشخصيات التاريخية عبر الفترات الزمنية المختلفة ممكن أن يكونوا أصدقاء، حتى أنها تتخيل حوارهم. ففي نزهة باركس وتوبمان، والتي قامت بتفصيل كل جزء منها وصولاً إلى الكتب التي يقرأونها، تؤكد مانس أن كل حوارهم سيحمل لمسة من الفكاهة.
توضح مانس: “هدفي هو إضفاء الطابع الإنساني على هذه الشخصيات، فهم أشخاص محترمون وأنا أحمل لهم كل التقدير، وأعتقد أيضاً أننا بحاجة إلى فهمهم وعيش تجربتهم كأشخاص عاشوا على الأرض مثلنا تماماً. وهذا يخلق شعوراً بالألفة لتاريخنا الذي أجده قوياً وملهماً بكل معنى الكلمة.”
يكمن جزءاً من إضفاء الطابع الإنساني على هذه الشخصيات التاريخية في حوارهم، وفي سماتهم أيضاً. ولإبراز هذه السمات، تضع مانس هذه الشخصيات في إضاءة ومزاج غير مألوف للعالم. بالنسبة إلى توبمان، التي لم يسبق أن يرها أحد وهي تبتسم، ترسمها مانس مع ابتسامة مرحة. وفي جميع صورها الشخصية، تبدأ مانس برسم الأنف، وتشق طريقها إلى الشفاه، وصولاً إلى العينين، ثم أخيراً الشعر واللمسات النهائية. وتقول: “هذا التراث الأفريقي الذي يكاد أن يكون مكتوباً على الجسد والذي يميز تاريخنا، فإن كل الطرق التي نعكس بها هذا التراث هي حقاً ساحرة بالنسبة لي.”
استخدمت مانس iPad Pro وApple Pencil لأول مرة في أعمالها الفنية أثناء تدريس فصل رسم رقمي في كلية ميلز. وهي لا تزال معجبة بكيفية تسهيل iPad لسير عملها. حيث تقول: “يمكنني إنشاء رسم تخطيطي ثم رسمه بالحبر في نفس التطبيق وكل ذلك على نفس الجهاز.”
كما أنها تنسب الفضل إلى iPad لجعله الفنون في متناول طلابها وقدرته على تزويد الفنانين الطموحين بمجموعات مهارات تعمل عبر أجهزة متعددة، سواء أكانوا يعملون في Adobe Fresco أو Procreate على iPad أم ينقلون مشروعاً إلى Mac.
وتتابع مانس: “وضع iPad إنتاج الفن في متناول الجميع، فالأصوات والرؤى الجمالية التي لم يكن من الممكن أن تصل إلى جمهور واسع قبل 10 أو 15 عاماً فقط، أصبحت على مرأى العالم.”
على الرغم من التوقيع على إعلان تحرير العبيد ليصبح قانوناً في 1 يناير 1863، فقد استغرق الأمر أكثر من عامين حتى تم الاعتراف بحق السود القانوني في الحرية. في 19 يونيو 1865، الذي يُحتفل به اليوم باسم يوم جونتينث، انتهت العبودية رسمياً في تكساس عندما سار الجنود الفيدراليون إلى جالفستون.
تقول مانس: “جونتينث هو اليوم الذي نظر فيه الأمريكيون إلى السود من الناحية القانونية بالطريقة التي كانوا ينظرون بها دائماً إلى أنفسهم: كبشر لهم الحق في أن يكونوا أحراراً. آمل أن يكون الجمع بين شخصيات السود في تاريخنا ووضعهم في الوقت الحاضر رمزاً للوحدة التي تتلخص بأنه وبغض النظر عن مدى انتشارنا في جميع أنحاء البلاد، وحتى مع التجارب التاريخية للحرب الأهلية والحرية، فإننا مجتمع واحد.”