حاملو جوازات السفر الذين يتمتعون بأكبر قدر من الوصول العالمي حاليًا صاروا الأكثر تقييدًا ويحجمون عن التمتع بحرية السفر، وفقًا لآخر النتائج من مؤشر هنلي باسبورتس، الذي يستند إلى بيانات حصرية ورسمية من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا). تحتل اليابان المرتبة الأولى في المؤشر – وهو التصنيف الأصلي لجميع جوازات السفر في العالم وفقًا لعدد الوجهات التي يمكن الوصول إليها بدون تأشيرة مسبقة – إذ يتمتع بدرجة قياسية عالية للجوازات التي يدخل أصحابها بدون تأشيرة أو يُمنحون تأشيرة عند الوصول إلى وجهات سفر يبلغ عددها 193، بينما جاءت سنغافورة وكوريا الجنوبية في المركز الثاني بدرجة 192 وجهة.
ولكن على الرغم من الوصول العالمي المحطم للأرقام القياسية الممنوح لمواطني هذه الدول الثلاث على مدار تاريخ المؤشر البالغ 17 عامًا، فإن الطلب الدولي على السفر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد وصل فقط إلى 17٪ من مستويات ما قبل وباء كوفيد، وفقًا لأحدث إحصائيات اتحاد النقل الجوي الدولي، إذ ظلت هذه النسبة تحوم حول أقل من 10٪ لمعظم العامين الماضيين. وهذا الرقم بعيد جدًا عن الاتجاه العالمي للسفر حيث تعافت الأسواق في أوروبا وأميركا الشمالية ووصل الطلب على السفر إلى حوالي 60٪ من مستويات السفر قبل الأزمة. وفي التعليق في تقرير “هنلي غلوبال موبيليتي” للعام 2022 للربع الثالث،, قالت الدكتورة ماري أوينز تومسن، كبيرة الاقتصاديين في اتحاد النقل الجوي الدولي، إن أعداد الركاب يجب أن تصل إلى 83٪ من مستويات ما قبل الجائحة في العام 2022: “بحلول العام المقبل، يجب أن ترى العديد من الأسواق وصول حركة السفر أو تجاوزها لمستويات السفر قبل الوباء، بينما نتوقع أن يكون هذا هو الحال بالنسبة للصناعة ككل في العام 2024.”
تهيمن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على المراكز العشرة الأولى المتبقية في التصنيف الأخير للمؤشر، إذ جاءت ألمانيا وإسبانيا، في المركز الثالث معًا مع إمكانية الوصول إلى 190 وجهة بدون تأشيرة. تتبعهما كل من فنلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ عن قرب في المركز الرابع مع تمكن مواطني هذه الدول من الدخول إلى 189 وجهة بدون تأشيرة، وتشترك الدنمارك وهولندا والسويد في المركز ، الخامس ، إذ يمكن لحاملي جوازات سفر هذه الدول الوصول إلى 188 وجهة حول العالم بدون تأشيرة. وتراجعت كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى المركزين السادس والسابع على التوالي ، وظلت أفغانستان في أسفل المؤشر، حيث لا يستطيع مواطنوها الوصول إلا إلى 27 وجهة حول العالم بدون تأشيرة. فجوة التنقل العالمية بين أقوى وأضعف جوازات السفر في العالم تبلغ الآن 166 وجهة، وهو رقم غير مسبوق.
فوضى سفر الصيف
مع بدء تراجع فوضى السفر في الولايات المتحدة في أعقاب عطلة نهاية الأسبوع في الرابع من تموز/يوليو، تضطر الإضرابات ونقص الموظفين شركات الطيران في جميع أنحاء أوروبا إلى إلغاء آلاف الرحلات الجوية، مما تسبب في طوابير طويلة لساعات في مطارات رئيسية. حتى أن مطار هيثرو طلب من شركات الطيران التوقف عن بيع تذاكر الصيف حيث يكافح أكبر مطار في المملكة المتحدة للتعامل مع انتعاش السفر الجوي.
وتقول الدتورة كريستيان كيلين،, رئيسة شركة هنلي بارتنرز ومخترعة مفهوم مؤشر جوازات السفر، إن الارتفاع الأخير في الطلب على السفر ليس مفاجئًا: “”تعتبر النتائج الأخيرة تذكيرًا مشجعًا بالرغبة البشرية في الاتصال العالمي حتى مع اتجاه بعض البلدان مؤخرا نحو الانعزالية والاكتفاء الذاتي. لم تكن صدمة الوباء مثل أي شيء شهدناه في حياتنا، واستعادة حريات السفر لدينا، وستأخذ غريزتنا الفطرية للتنقل والسفر بعض الوقت لكي تعود إلى سابق عهدها.”
عزلة روسيا المتزايدة
أصبح حاملو جوازات السفر الروسية معزولين عن بقية العالم أكثر من أي وقت مضى، حيث تمنع العقوبات وحظر السفر وإغلاق المجال الجوي المواطنين الروس من الوصول إلى جميع الوجهات باستثناء عدد قليل منها في آسيا الوسطى والشرق الأوسط. يحتل جواز السفر الروسي حاليًا المرتبة الخمسين ، حيث تبلغ عدد الوجهات التي لا تتطلب التأشيرة المسبقة أو الحصول على تأشيرة عند الوصول 119 وجهة فقط. ومع ذلك، نظرًا لإغلاق المجال الجوي أمام المواطنين الروس في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن أستراليا، كندا، اليابان، نيوزيلندا، كوريا الجنوبية، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يُمنع المواطنون الروس فعليًا من السفر إلى معظم أنحاء العالم، مع استثناءات ملحوظة لإسطنبول ودبي، اللتين أصبحتا نقاط عبور محورية للروس.
على العكس من ذلك، يُصنف جواز السفر الأوكراني حاليًا على المؤشر المرتبة 35 حيث يستطيع حاملوه الوصول إلى 144 وجهة حول العالم دون الحاجة إلى تأشيرة مقدمًا. كما مُنح الأوكرانيون النازحون بسبب الغزو الحق في العيش والعمل في الاتحاد الأوروبي لمدة تصل إلى ثلاث سنوات بموجب خطة الاستجابة الطارئة لما أصبحت أكبر أزمة لاجئين في أوروبا في هذا القرن. بعد الإعلان الرائد الأخير الصادر عن المجلس الأوروبي والذي منح أوكرانيا وضع المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهي الخطوة الأولى نحو العضوية الكاملة في الاتحاد، من المرجح أن تزداد حرية السفر لحاملي جوازات السفر الأوكرانية أكثر في السنوات القادمة.
الإمارات العربية المتحدة الفائز الأكبر في مرحلة الوباء
على مدى فترة الاضطرابات التي اجتاحت العالم في العامين الماضيين، ظل شيء واحد ثابتًا: القوة المتزايدة لجواز السفر الإماراتي، الذي يحتل الآن المرتبة الخامسة عشرة مع تمكن حامليه من السفر بدون تأشيرة مسبقة أو الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى دول يبلغ عددها 176. في العقد الماضي، حققت هذه الدولة مكاسب لا مثيل لها كأكبر صاعد على المؤشر – في العام 2012، احتلت الإمارات في التصنيف المرتبة 64 بدرجة بلغت حينها 106 وجهات فقط. وكما يظهر أحدث تقرير هنلي لهجرة الثروات الخاصة أصبحت الإمارات العربية المتحدة أيضًا محط اهتمام شديد بين المستثمرين الأثرياء، ومن المتوقع أن تشهد أعلى تدفق صافٍ للأثرياء على مستوى العالم في العام 2022، مع زيادة صافية متوقعة قدرها 4000 – بزيادة هائلة قدرها 208٪ مقابل صافي تدفق للعام 2019 البالغ 1300 وواحد من أكبرها على الإطلاق.
الدول السلمية هي صاحبة جوازات السفر الأقوى
يُظهر البحث الفريد الذي أجرته شركة هنلي أند بارترز الذي يقارن وصول مواطني دولة ما إلى الوجهات العالمية بدون تأشيرة مع مؤشر السلام العالمي الخاص بها وهو الذي يظهر ارتباطًا قويًا بين قوة جواز سفر الدولة وسلميتها. يمكن أيضًا العثور على أسماء جميع الدول التي تقع في المراكز العشرة الأولى على مؤشر هنلي باسبورت في المراكز العشرة الأولى في مؤشر السلام العالمي. وبالمثل، بالنسبة للدول ذات الترتيب الأدنى.
وتعليقا على نتائج تقرير هلي للتنقل العالمي، الربع الثالث 2022، قال ستيفن كليمشوك ماسيون، زميل كوندام في كلية سعيد للأعمال بجامعة أكسفورد: “جواز سفرك هو بطاقة اتصالك أكثر من أي وقت، والذي، اعتمادًا على جواز السفر الذي تحمله والمكان الذي أنت ذاهب إليه، سيكون له تأثير كبير على نوع الاستقبال الذي ستتلقاه، وأين يمكنك الذهاب ومدى سلامتك عندما تصل إلى هناك. والآن أكثر من أي وقت مضى، من الخطأ التفكير في جواز السفر على أنه مجرد وثيقة سفر تتيح لك الانتقال من النقطة أ إلى النقطة ب. إن القوة أو الضعف النسبي لجواز السفر الوطني الذي تحمله يؤثر بشكل مباشر على نوعية حياة حامل جواز السفر وقد تكون مسألة حياة أو موت في بعض الظروف.”