قصّة طويلة تمتدّ لزمن حول الاستكشاف والقدرة على التحمّل

قصّة طويلة تمتدّ لزمن حول الاستكشاف والقدرة على التحمّل

طائرات Bell 412 المروحية ساعدت في التعريف بالقصّة المذهلة لرحلة المستكشف إيرنست شاكلتون إلى القطب الجنوبي سنة 1914 والتي واجهت الكثير من المصاعب وأدّت لغرق سفينته ’إنديورانس‘

تابعونا على وسائل التواصل
Twitter reddit Quora

 كل من يشارك في عمليات البحث والإنقاذ يعي جيداً مدى صعوبة إيجاد سفينة، مهما كانت كبيرة، في المحيط الذي يتميّز بكونه أوسع بكثير مما قد يتوقَّعه الناس. فعلى سبيل المثال، قد تبدو سفينة شحن حاويات ضخمة كنقطة صغيرة في الأفق حتى من مسافة قريبة. لكن الأمر يصبح أكثر صعوبة عندما يتعلّق الأمر بسفينة غارقة. فتحديد موقع سفينة غارقة تحت المياه هو عملية صعبة دوماً، إذ إنه في كثير من الأحيان تنتهي السفينة في القعر أبعد من النقطة التي بدأت فيها بالغرق، وخصوصاً في المياه العميقة.

لكن فقط مجموعة قليلة من الأشخاص الشجعان حاولوا بعد 107 سنوات تحديد مكان سفينة المستكشف السير إيرنست شاكلتون التي غرقت أثناء رحلتها إلى القطب الجنوبي، إذ ابتلعت المياه الجليدية سفينة ’إنديورانس‘ (Endurance) أمام أعين طاقمها، مما أدّى لظهور قصّة متميّزة حول النجاة تكلّلت بإنقاذ كامل الطاقم، وذلك بعد مواجهة التحدّيات التي فرضتها بعض أقسى البيئات في العالم. فبعد أن أمضى فريق شاكلتون شهوراً عدّة على الجليد وهو يحاول النجاة طافياً في بحر ويديل (Weddell Sea)، تمكّن في النهاية من الوصول إلى جزيرة الفيل (Elephant Island)، ليقوم بعدها شاكلتون مع أعضاء قليلة من فريقه باستخدام أحد قوارب نجاة ’إنديورانس‘ للوصول إلى محطّة لمعالجة جثث الحيتان في جورجيا الجنوبية، مبحراً في كامل المحيط الجنوبي ومواجهة الكثير من المشاكل على مدى شهر تقريباً. ومن هناك، تم إنقاذ سائر الفريق، ليتم بهذا اختتام قصّة حقيقية حول النجاة في مواجهة العديد من العناصر القاسية.

وبالنسبة لكثيرين، فقد كان موضوع تحديد موقع ’إنديورانس‘ مشروعاً أساسياً طوال العمر، لكن اكتشافها في العام 2022 شكّل نهاية رائعة لرحلة طويلة من الاستكشاف والشجاعة في أحد أكثر المناطق قساوة في العالم.

إلا إن تحديد مكان الحطام لم يكن مهمّة سهلة، وتطلّب الكثير من التنسيق بين مجموعة كبيرة من الناس والشركات والمعدّات المنخرطة بالمشروع. ومع توفير كل ما هو مطلوب لهذه العملية، بدءً من سفن كسر الجليد (الكاسحات)، ومنصّات الحفر، وفرق الخبراء، وبشكل أهم الدعم الجوّي بواسطة شركة ’آلتيميت أفييشن‘ (Ultimate Aviation) التي يوجد مقرّها في جنوب أفريقيا، بدأ التعاون للبحث عن السفينة واكتشاف موقعها. وكانت الشركة التي تشغّل تسع طائرات Bell 412 مروحية، بالإضافة إلى طائرة ثابتة الجناح، لاعباً أساسياً في ضمان مضي الرحلة الاستكشافية بخطّتها وتحقيق النجاح مع مستويات سلامة عالية.

حول هذا الموضوع، قال شون روزفير، الرئيس التنفيذي لشركة ’آلتيميت أفييشن‘: “نحن واحدة من أربع شركات هليكوبتر في العالم تنشط في القارّة القطبية الجنوبية وهذا موسمنا الثامن على التوالي هناك. وتلك المنطقة تتميّز بكونها فريدة لا ترحم بسبب المناخ القاسي السائد فيها، وكذلك باعتبارها منطقة نائية جداً. وقبل ثمانية عشر شهراً، انخرطنا في التخطيط لمهمّة شاكلتون الاستكشافية. ولقد كانت مهمّة معقّدة بشكل كبير كون الحطام تواجد على عمق زاد عن ثلاثة كيلومترات (10,000 قدم) من المياه والجليد دائم التحرّك في بحر ويديل. وهذا الأمر إلى جانب بعض العناصر الأخرى مثل الرياح القوية والحرارة التي تقل عن -18 درجة مئوية مجتمعة معاً قد جعلت العملية واحدة من أكثر المهام صعوبة في العالم للبحث عن السفن.”

إلا إن مهمّة المشروع أصبحت نوعاً ما أسهل بفضل الملاحظات الأصلية التي وضعها كابتن السفينة، فرانك وورسلي، الذي قام وباستخدام أدوات ملاحة بدائية، بتحديد موقع ’إنديورانس‘ أثناء غرقها في مياه القطب الجنوبي الجليدية. وبعد اكتشاف الحطام في النهاية، كان موقع وورسلي يبعد عنها أربعة أميال فقط، وهذا يُعدّ إنجازاً بارزاً بالنسبة إلى إحداثيات تم تدوينها في العام 1915 ويمثّل شهادة بارزة على مهاراته العالية.

ولقد جرى استخدام طائرات Bell 412 المروحية للقيام بالعديد من الأدوار الحيوية، شاملة نقل الأفراد والتجهيزات بين الصفائح الجليدية، وكذلك استكشاف المسار أمام الكاسحة الجليدية، وذلك بهدف تحديد المسار الأسهل عبر الجليد.

يُعتبَر الجليد من أقسى الظروف التي يمكن لطيّار هليكوبتر أن يتعامل معها، لكن مروحيات Bell 412 تتميّز بتاريخ طويل من الأبحاث والتصميم والتطوير لتمكينها من العمل مع السيناريوهات الجليدية المختلفة. ومن الداخل، فإن المقصورة الواسعة المعزولة وجيدة التجهيز قد أصبحت مكاناً دافئاً مثالياً للهرب من الحرارة المتجمّدة للقطب الجنوبي. أما قدرات الرفع التي تتمتّع بها Bell 412 فقد برهنت أيضاً عن فعاليتها، حيث أتاحت للفريق إتمام عمليات نقل الكثير من المعدّات الثقيلة المطلوبة للحفر في الجليد.

وكما هو الحال في أي بيئة كثيرة التحدّيات، فإن المعدّات كانت حيوية لإنجاح المهمّة الاستكشافية، مع تواجد الكثير من أعضاء الفريق في موقع العمل لمدّة تخطّت الشهر بحثاً عن ’إنديورانس‘. وعند إضافة قدرات طائرات Bell في نقل الناس بسهولة من موقع جليدي لآخر، أصبحت المروحية مكوِّناً أساسياً في تحديد مكان حطام السفينة بنجاح.

وأضاف روزفير قائلاً: “نحن نشغّل طائراتنا المروحية من نوع Bell 412 كثيراً في القارّة القطبية الجنوبية، لذلك نحن على دراية بما يمكن مواجهته. فهي جاهزة دوماً وتتخطّى ما نطلب منها القيام به. كما إنها تتميّز بالاعتمادية ولا تخذلنا أبداً. وبالتالي، فإنها كانت منصّة جيدة جداً لهذه العملية الخاصّة.”

رغم أن ’إنديورانس‘ ستُترَك في مكانها، إلا إن اكتشافها والصور الرائعة للسفينة التي يمكن للعالم أن يستمتع برؤيتها، هي جرّاء الجهد الكبير الذي بذلته ’آلتيميت أفييشن‘ والمزايا العديدة لهليكوبتر Bell 412 من ناحية المرونة والقدرات والسلامة.

ومع تأمين الموقع الآن واختفاء أصوات طائرات الهليكوبتر وكاسحات الجليد من المنطقة المحيطة بالمكان، يمكن للسفينة الغارقة أن تعود إلى سباتها الأبدي وذلك على عمق نحو ميلين تحت جليد القطب الجنوبي.

لمزيد من المعلومات حول Bell، يمكن زيارة الموقع الإلكتروني على الإنترنت.

Bookmark the permalink.