نجح أطباء مركز أبوظبي للخلايا الجذعية، التابع لمجموعة «بيورهيلث»، أكبر مجموعة رعاية صحية في الشرق الأوسط، في تصنيع المنتج الخلوي المعتمِد على الخلايا المناعية المعدَّلة وراثياً CAR -T للمرة الأولى في دولة الإمارات، لعلاج طفل عمره 11 عاماً، مصاب باللوكيميا الحادة (سرطان الدم). ويعدُّ هذا النوع من العلاج إنجازاً طبياً في علاج سرطان الدم.
وبدأت حالة الطفل «مُراد» حينما اكتُشِفَت إصابته بسرطان الدم منذ أكثر من خمس سنوات، وخضع حينذاك للعلاج وشفي منه، لكن سرطان الدم عاد إليه منذ نحو ستة أشهر، فخضع للعلاج الكيميائي، وفقاً للعلاجات المعروفة المحدَّدة لحالته، إلا أنه لم يستجب للعلاج، ولهذا أصبح العلاج الخلوي CAR-T هو الخيار العلاجي الوحيد الممكن له.
وشمل الإجراء في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية تصنيعَ المنتج الخلوي CAR-T، الذي يعتمد على استخدام الخلايا المناعية من الطفل، حيث قام الأطباء بسحب الدم منه، وفقاً لبروتوكول خاص لاستخراج الخلايا المناعية، ومن ثمَّ قاموا بتعديلها وراثياً والسماح لتكاثرها في بيئة مغلقة في مختبر مركز أبوظبي للخلايا الجذعية المجهَّز وفق المعايير الصارمة لهذا النوع من العلاجات، وهو أحد المختبرات القليلة جداً في منطقة الشرق الأوسط المجهَّز بهذه الإمكانات، ما أدّى لاكتساب الخلايا القدرة على محاربة الخلايا السرطانية لدى المريض نفسه، ثمَّ أعاد الأطباء حقنَ هذه الخلايا في وريد الطفل. واستغرق العلاج خمسة أسابيع في المستشفى التابع لمركز أبوظبي للخلايا الجذعية، وهو مركز التميُّز المعتمَد في زراعة الخلايا الجذعية المكوِّنة للدم في أبوظبي.
وقالت سعادة الدكتورة نورة خميس الغيثي، وكيل دائرة الصحة – أبوظبي: «في ظل دعم وتوجيهات القيادة الرشيدة، تواصل أبوظبي ترسيخ مكانتها على خريطة الرعاية الصحية العالمية. ومن خلال الإمكانات التي تتمتَّع بها الإمارة، والجهود المبذولة للمُضي قُدُماً بالابتكار والبحث في علوم الحياة، نتمكَّن من تعزيز صحة وسلامة أفراد مجتمعنا والعالم. تستند أبوظبي اليوم إلى ركائز عدة تجعلها وجهةً للرعاية الطبية، أهمها الدعم والتوجيه الحكومي الطموح وبنيتها التحتية المتطوِّرة ومنشآتها الصحية وكفاءاتها المتميزة».
وقال الدكتور يندري فينتورا، الرئيس التنفيذي لمركز أبوظبي للخلايا الجذعية: «يمثِّل نجاحنا في إجراء أوَّل علاج بالخلايا المناعية CAR-T هنا في أبوظبي قفزةً كبيرةً تعكس مدى التزامنا بإحداث تأثير إيجابي عميق على المستوى الإقليمي لقطاع الرعاية الصحية. يعدُّ هذا العلاج من أهمِّ العلاجات المتقدِّمة في مكافحة الأمراض، وخاصة السرطان باستخدام الخلايا المناعية من المريض نفسه، والحاجة مُلِحَّة إلى توفير هذا العلاج في دولة الإمارات العربية المتحدة. هذا الإنجاز يعزِّز مكانتنا الرائدة في مجال الأبحاث والتطوير في القطاع الصحي، ويجدِّد الأمل لعدد كبير من المرضى في دولة الإمارات والمنطقة. بدعم من قيادتنا الرشيدة ودائرة الصحة في أبوظبي، نهدف إلى إحداث ثورة في مجال علاج السرطان عبر تطوير إمكانات العلاج بالخلايا المناعية المعدَّلة وراثياً، لاستهداف الأورام بدقة لدى الأفراد المصابين بأنواع محدَّدة من سرطانات الدم. إنَّ تحقيق هذه الإنجازات، وتوفير رعاية فريدة للحالات المعقَّدة، وإجراء التجارب السريرية والأبحاث سيرفع مستوى قطاع الرعاية الصحية، ويخدم الإنسانية في معالجة الأمراض والمشكلات الصحية السائدة، ويحدُّ من حاجة المرضى إلى السفر للخارج بغرض العلاج، وهذا ما أتاح لنا علاج الطفل مراد ليعود إلى منزله بحالة صحية جيدة».
وقالت الدكتورة فاطمة الكعبي، المدير التنفيذي لبرنامج أبوظبي لزراعة نخاع العظام في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية: «كرَّس باحثو وعلماء وأطباء مركز أبوظبي للخلايا الجذعية جهودهم العام الماضي للتحضير لإطلاق العلاج بالخلايا المناعية المعدَّلة وراثياً، والتي تُعرَف باسم CAR-T. ويُظهر هذا الإنجاز التزام المركز الدائم بتطوير العلوم الطبية على مستوى المنطقة، وهو دليل على إمكانات مركز أبوظبي للخلايا الجذعية، وتوافر أحدث التقنيات، والخبرات الرائدة. بعد عدم استجابة حالة الطفل مراد للعلاج الكيميائي، عمل أطباء أمراض الدم والعلماء لدينا مع الأطباء المعالجين لمراد في مدينة الشيخ خليفة الطبية، لنقله إلى مركز أبوظبي للخلايا الجذعية لتلقّي العلاج الخلويCAR-T، وهو العلاج الفعّال الوحيد لحالته بالأخص أنه كان ميؤوس منها ولكن لجأ إلينا أطباء ووالدي المريض كملاذ أخير. نفخر أن نرى مراد يعود إلى منزله وعائلته، ولا ريب أنَّ إطلاق هذه التكنولوجيا المتقدِّمة في البلاد يعزِّز مكانة الإمارات العربية المتحدة وجهةً عالميَّةً للتقدُّم الطبي والأبحاث، ما يتماشى مع الرؤية الحكيمة لقيادتنا الرشيدة».
يُذكر أن العلاج بالخلايا المناعية المعدلة وراثياًCAR-T كان محصوراً لدى عدد من شركات الأدوية العالمية وقد تم اعتماده حديثاً في الولايات المتحدة وذلك عام 2017. ولكن نظراً لصعوبة وحساسية التصنيع، فقد كانت إمكانية توفره محدودة في المنطقة. ولكن مع وجود قسم مختص بأمراض الدم وزراعة نخاع العظم والعلماء والباحثين والمختبرات المتقدمة في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية، استطاع المركز توفيره لأول مرة في الدولة.