يعد السرطان ثالث أكبر مسبب للوفاة في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أمراض القلب والإصابات الاستثنائية والطارئة، بحسب البيانات الصادرة عن معهد النشر الرقمي متعدد الاختصاصات (MDPI)، وبلغت نسبة الوفيات به في الدولة حوالي 10% في عام 2019. هذا وتشكل اللوكيميا، والأورام اللمفاوية، والورم النقوي المتعدد، كافة أنواع السرطان التي يمكن أن تؤثر على النخاع العظمي، وخلايا الدم، والعقد اللمفاوية، بالإضافة إلى أجزاء أخرى من الجهاز اللمفاوي. وشكل سرطان الدم نحو 5.7% من إجمالي حالات السرطان التي تم تشخيصها في الإمارات في عام 2020. أما في المملكة العربية السعودية، فتعد النسبة متقاربة إلى حد ما، حيث استحوذ مرضى سرطان الدم على نسبة 6% من حالات السرطان المشخصة في عام 2020، فيما أظهرت نتائج دراسة تحليلية أجريت في العام نفسه، أن مصر تسجل أعلى معدل وفيات بالسرطان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع تسبب سرطان الدم بأعلى نسبة وفيات بين أولئك المرضى.
وفي إطار اليوم العالمي للسرطان، الذي ينظمه الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، يشارك نخبة من الأطباء والمتخصصين في مجال الأورام الدموية من كلية الطب بجامعة سانت جورج في غرينادا آرائهم حول آليات تشخيص سرطانات الدم والاضطرابات المرتبطة بأمراض الدم وطرق العلاج والوقاية منها، بالإضافة إلى تسليط الضوء على التدريب المكثف الذي يخضع إليه الأطباء المتخصصون لتعزيز قدراتهم وخبراتهم في هذا المجال.
وللحديث عن ذلك، يجب علينا أولاً معرفة ماهية علم الأورام الدموية:
يجمع علم الأورام الدموية بين مجالين متميزين في الطب، حيث يركز على دراسة الأمراض المتعلقة بالدم وتشخيصها، ودراسة علم الأورام الذي يضم مرض السرطان. وتشمل هذه الأمراض مجتمعة كل من: اللوكيميا (سرطان خلايا الدم)، والمايلوما المتعددة (سرطان نخاع العظام)، وورم الغدد اللمفاوية اللاهودجكين (سرطان الجهاز المناعي)، وسرطان هودجكين (سرطان الغدد الليمفاوية).
وتختلف الأورام الدموية الخبيثة عن الأنواع الأخرى من السرطان نظراً لأنها تتطور في خلايا الدم داخل الجسم وقد لا تشكل أوراماً، إذ يتكون الدم من خلايا الدم البيضاء وخلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية والبلازما، ويمكن أن تظهر اختبارات الدم وجود عدد كبير جداً أو قليل جداً من تلك المكونات، الأمر الذي يحث أخصائي الأورام وأمراض الدم على ضرورة التحقق من وجود أية علامات لسرطان الدم أو اضطرابات الدم الأخرى.
الفحوصات والإجراءات التي يقوم بها أخصائي أمراض الدم والأورام
يحرص أخصائيو أمراض الدم والأورام على تقديم طرق علاجية مبتكرة تعتمد على الأدوية بشكل أولي، لتجنب اللجوء إلى العمليات الجراحية للمرضى، حيث يتم إتباع مجموعة من الخطوات اللازمة لضمان عملية التشخيص الدقيق، وذلك عبر اختبارات الدم ونخاع العظم، والخزعات، والتصوير، وصولاً إلى صياغة خطة علاجية مع فريق من المتخصصين. كما تشمل طرق علاج أورام الدم الممكنة كلاً من العلاج الكيميائي؛ والعلاج الإشعاعي؛ ونقل الدم؛ والعلاج المناعي؛ وزرع نخاع العظم، بحسب حالة المريض.
وتعتمد خطة العلاج على مجموعة من العوامل المختلفة، بما يشمل عمر المريض، ومدى نمو الورم السرطاني الخبيث، بالإضافة إلى مكانه وسرعة انتشاره في الجسم. وغالباً ما يعمل أخصائيو الأورام الدموية مع فريق من المتخصصين ضمن مجالات أخرى، مثل الجراحين، وأخصائيي الأشعة، وأخصائيي علم الأمراض. كما يجري الفريق الطبي المتخصص مجموعة واسعة من التجارب والدراسات السريرية المتطورة داخل المستشفى.
كيف تصبح أخصائي أمراض الدم والأورام؟
تتميز رحلة دراسة وامتهان طب أمراض الدم والأورام بصعوبتها، فبعد التخرج من الكلية الطب، يجب على الطبيب ممارسة دورات التدريب العملية في الطب الباطني، والتي تستغرق حوالي ثلاث سنوات، وبعدها المشاركة في برنامج زمالة أمراض الدم والأورام، والذي يستغرق أيضاً ثلاث سنوات أخرى. أما فيما يتعلق بالتخصصات الفرعية التي يمكن لأخصائيي أمراض الدم والأورام دخولها، فهي تتنوع بشكل كبير، إذ يتاح المجال أمامهم للتخصص في أي جزء من الجسم، مثل الرئتين أو الكبد أو حتى العظام والأنسجة الحية.
تعد المسيرة التعليمية والتدريبية لاختصاص طب الأورام وأمراض الدم طويلة وشاقة، ولكن لا يمكن وصف الشعور الطبيب عند تواجده بجوار المريض في أقسى وأصعب فترات حياته، خاصة إذا كان قادراً على توفير العلاج الشافي والمنقذ له.
وعلى الرغم من كون متابعة التدريب الطبي اللازم للتخصص في طب الأورام الدموية مهمة صعبة، فإنه بمجرد دخول هذا القطاع والتعرف على مدى أهميته في عالم الطب، يشعر الطبيب بأنه يجب أن يتابع مسيرته في هذا المجال ويكون على قدر التحدي. وتكمن الطريقة الفعالة لدخول هذا المجال ببدء البحث عن كلية طبية توفر تعليماً ذو معايير عالية إلى جانب التدريب العملي اللازم.