انطلاق عصر التعاون بين الإنسان والروبوت لاكتشاف المحيطات والفضاء

استضاف متحف المستقبل في دبي اليوم البروفيسور أسامة خطيب، من قسم علوم الكمبيوتر في جامعة ستانفورد الأمريكية ومدير مختبر الروبوتات في الجامعة، الذي استعرض التجربة الرائدة لروبوت “أوشن وان” لاستكشاف قاع البحار وقدراته ومزاياه المتقدمة التي تفتح آفاقا جديدة لمستقبل العلاقة بين البشر والآلات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

تابعونا على وسائل التواصل
Twitter reddit Quora

جاء ذلك ضمن فعاليات الجلسة الثانية من سلسلة “حوارات المستقبل” التي ينظمها المتحف مع عدد من أبرز الخبراء والعلماء والمختصين. وقدم خطيب خلال الجلسة التي حملت عنوان “عصر التعاون بين الإنسان والروبوت.. استكشاف أعماق المحيطات من خلال الروبوتات.” عرضا للروبوت المبتكر “أوشن وان” Ocean One الذي صممه بحيث يكون غواصا آليا على درجة عالية من الاستقلالية قادر على التفاعل المادي مع البيئة أثناء الاتصال بخبير بشري من خلال واجهة تحكم سهلة الاستخدام.

وبدأ خطيب الجلسة بالتنويه بافتتاح متحف المستقبل قائلا: “انتظرت بفارغ الصبر على مدار السنوات الماضية افتتاح المتحف الذي كنت أحرص كلما زرت دبي على تصوير التقدم في بنائه، واليوم، تغمرني مشاعر الحماسة الشديدة وأنا أقدم هذه الجلسة في رحابه. إن افتتاح المتحف يمثل لحظة عظيمة في مسيرة التقدم العلمي والتطلع إلى الغد.”

انطلاق عصر التعاون بين الإنسان والروبوت لاكتشاف المحيطات والفضاء

مستقبل التعاون بين الإنسان والروبوت

ولفت خطيب خلال الجلسة إلى أن المستقبل سيعتمد على التعاون بين الإنسان والروبوت في الأماكن الخطرة عند أعماق المحيطات أو المناجم أو قمم الجبال أو الفضاء. واعتبر خطيب في هذا السياق أن المحيطات تبقى من الأماكن المجهولة بالنسبة للكثير من البشر، وخاصة أعماقها السحيقة التي تتطلب عمليات استكشافها قدرات بشرية عالية المستوى في أعماق لا يمكن للإنسان العمل فيها قائلا: “تشغل البحار والمحيطات 75% من مساحة كوكبنا، لكننا نعرف عن المريخ أكثر مما نعرف عنها نظرا لصعوبة استكشافها.”

وتحدث خطيب عن تحديات بناء روبوت قادر على العمل تحت الماء بسبب الحاجة لدراسة العلاقة بين مستويات ضغط السوائل، والحاجة لاستخدام كاميرات حساسة ثلاثية الأبعاد.

وأضاف خطيب، وهو أيضا رئيس المؤسسة الدولية لأبحاث الروبوتات (IFRR) وزميل معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE): “ما نريده هو صنع روبوتات لا تقتصر قدرتها على المراقبة، بل يمكنها فعلا العمل وإنجاز المهام. نريد أن يكون للروبوتات أدوار أساسية في إنجاز الأعمال في المنازل والمصانع والمساهمة في الزراعة المستدامة ومواجهة التغير المناخي والعمل في المناطق الخطرة.”

وتابع خطيب، بالقول: “الروبوتات اليوم حولنا في كل مكان، في قطاع الخدمات والمستشفيات والبناء وهي تجري عمليات جراحية دقيقة لآلاف الأشخاص يوميا، كما باتت الروبوتات تكتب مقالات في الصحف وتنتج المحتوى الاجتماعي الذي يراه الملايين كل يوم، ولكن المستقبل هو بناء الروبوتات القادرة على التحرك والتفاعل مع محيطها، مثل الروبوتات الطائرة التي تستقبلك عند مدخل متحف المستقبل.”

ونبه خطيب إلى مشكلة برمجة الروبوتات المتقدمة قائلا: “حاليا، نبرمج الروبوتات للعمل داخل أماكن مغلقة أو محددة، ومع ذلك فالأمر ليس سهلا، بالمقابل، نحن نريد من الروبوتات اليوم التحرك في بيئات عمل مفتوحة ودائمة التغير، ولذلك علينا أن نجعلها قادرة على تقليد قدرة الإنسان على التأقلم والتفاعل مع محيطه، وقد قادنا ذلك إلى دراسة كيفية تحرك الإنسان وتطبيق الدروس المستفادة على الروبوتات، وهذا وفر لنا أيضا فهماً طبياً وعلمياً أفضل لطريقة تصرف البشر أنفسهم كما سمح لنا بتطوير نظام أطلقنا عليه اسم خوارزمية التحرك المتكامل والمضبوط لكامل الجسم.”

أوشن وان وتجربته الرائدة

واستعرض خطيب، الحاصل على مجموعة كبيرة من الجوائز المرموقة بينها جائزة الريادة من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات في الروبوتيات والأتمتة (IEEE / RAS) ، وجائزة جورج ساريدس للقيادة، تجربة استخدام “أوشن وان” في رحلة استكشافية في البحر الأبيض المتوسط وصلت إلى سفينة الملك لويس الرابع عشر Lune التي يعني اسمها “القمر”، الغارقة قبالة ساحل مدينة طولون الفرنسية على عمق واحد وتسعين مترًا.

كما قدم خطيب نظرة أولية لنتائج تجربة النموذج المطور من “أوشن وان” الذي نفذ مؤخرا مهمة ناجحة سيتم الكشف عن تفاصيلها في مؤتمر صحفي خاص تُعرض فيه الفيديوهات والصور الدقيقة للإنجاز المتحقق من خلال الغوص إلى أعماق غير مسبوقة قبالة سواحل جزيرة كورسيكا في البحر الأبيض المتوسط حيث شملت عمليات الاستكشاف مواقع حطام العديد من السفن والطائرات والغواصات التي يتراوح عمرها ما بين الحقبة الرومانية وفترة الحرب العالمية الثانية.

ويمتاز “أوشن وان” بصفاته الشكلية والسلوكية الشديدة الشبه بالبشر، فهو يمتلك ذراعين قادرتين على إعطاء العلماء إحساسا دقيقا بنوعية المواد التي يلمسها ومدى صلابتها أو هشاشتها، كما يمتلك كاميرات تصوير ثلاثية الأبعاد وثمانية محركات صغيرة لضبط وضعيته بدقة، وقد وصفه بعض المراقبون بأنه “حورية آلية” نظرا للطريقة المميزة التي يتحرك من خلالها.

من جانبه، قال خليفة القامة، مدير مختبرات دبي للمستقبل: “مع تطور تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة وخاصة في مجال الروبوتات والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، يشهد العالم تحولات كبرى في العلاقة بين الإنسان والروبوتات، وتشكل هذه العلاقة واحدة من حقول الاهتمام الرئيسية لمتحف المستقبل، انطلاقا من دوره كحاضنة للمستشرفين العالميين وللنخبة العلمية والمعرفية وللنوابغ على مستوى المنطقة والعالم ومختبراً شاملاً لتقنيات المستقبل وأفكار المستقبل ومدن المستقبل.”

وتابع خليفة القامة بالقول: “تنسجم جلسة ’حوارات المستقبل‘ اليوم بشكل كامل مع رسالة المتحف الذي يوفر تجارب لا نظير لها لعيش المستقبل بكل جوانبه وأبعاده من خلال توظيفه لتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز وتحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتفاعل الآلي البشري ليقدم من خلالها إجابات عن الأسئلة المتعلقة بمستقبل الإنسان والمجتمعات البشرية والحياة على كوكب الأرض وكذلك في الفضاء، وستستمر هذه الجلسات لتكون عاملا محفزاً للجميع على التفكير في مستقبل الإنسانية.”

سلسلة ” حوارات المستقبل”

وتعتبر جلسة البروفسور أسامة خطيب الجلسة الثانية في إطار سلسلة جلسات “حوارات المستقبل” التي اطلقها متحف المستقبل بدءاً من 24 فبراير ، مباشرة في قاعة المتحف، وهي متاحة مجاناً للجميع شرط التسجيل المسبق عبر الموقع الإلكتروني talks.museumofthefuture

وتهدف الجلسات إلى البحث في صناعة المستقبل وتعزيز قدرة المؤسسات البحثية على استشراف المستقبل، إلى جانب الاحتفاء بالنوابغ والعلماء ومأسسة المستقبل وتصميمه وصناعته بما يعكس دور المتحف الذي يمثل مركزاً فكرياً عالمياً يجمع الشركاء الدوليين والمؤسسات البحثية المتخصصة لدراسة التحديات الحالية والمستقبلية بعمق وجرأة لتقديم حلول جديدة ومبتكرة.

Bookmark the permalink.